في مثل هذه الأيام يقف الذين عاشوا منا حصار بيروت ومجد مقاومتها يتأملون مسار الزمن في مدينتهم باعتزاز يشوبه بعض الحزن والأسى.
يتذكرون ملحمة الصبر والبطولة التي سطّرتها سيدة العواصم، ويحز في قلوبهم كيف تلقت الطعنات في ظهرها من كل حدب وصوب وكيف عوملت بالجحود والنكران.

وعندما بدأت الدبابات الإسرائيلية باجتياح بيروت تصدت لها سواعد المقاومين من أهل العاصمة ومن الذين كانوا الى جانبهم، والذين لم يرهقهم حصار الصيف الطويل، ودافعوا بكل بطولة وسقطوا شهداء على بوابات العاصمة مع اختلال غير طبيعي في موازين القوى، ولكن ذلك لم يفتّ من عزائمهم وبدأت رحلة المقاومة المجيدة من شوارع الطريق الجديدة ومسجد عبد الناصر ومن برج أبي حيدر والزيدانية وكورنيش المزرعة وغيرها من حارات بيروت وشوارعها. يحق لبيروت التي قدمت دون حساب ودون منّة، أن تعتب وبالدرجة الأولى على الإعلام المحسوب عليها مرئياً كان أم مسموعاً أم مقروءاً
فالشهيد عندما قدّم أغلى ما عنده لم يكن ينتظر تغطية إعلامية، ولكن بيروت يحق لها أن تسأل عن الغبن الذي طال حتى الشهداء فيها.
على بواباتها سقط أغلى المقاومين.
عند برج المر سقط في الساعات الأولى سبعة شهداء من "المرابطون" وعلى بوابة المتحف هوى الشهداء جلال عرداتي وابراهيم منيمنة وجمال ياسين، وعلى مدخل الحازمية فجّر الشهيد نبيل سعادة نفسه في دبابة إسرائيلية.
هؤلاء الشهداء وغيرهم كثر، هل من يتذكرهم؟
الى أي حركة أو حزب انتموا، فقد كانوا يدافعون عن سيدة العواصم.
فهل رأينا ساحة أو شارعاً يحمل اسمهم؟ وهل رأينا نصباً تذكارياً لشهداء بيروت؟
بعد تحرير الجنوب عثر على جثث طاهرة لشهداء المقاومة الوطنية اللبنانية واسترجع كل حزب شهداءه، غير أن سبعة شهداء من "المرابطون" لم يعودوا الى مساقط رؤوسهم في بيروت والمناطق لأن ذلك لم يكن مسموحاً.
إن هؤلاء الشهداء تفتخر بهم بيروت ولبنان والأمة، لأن بيروت كانت وما زالت عاصمة المقاومة وعاصمة الحضارة ورائدة النهضة.
لك الله يا بيروت!
دّمت ما لم يقدّمه أحد مثلك، ولم يقابلوك إلا بالحقد والجحود.
![]() |
الدكتور هاشم الايوبي |
تعريف الدكتور هاشم الايوبي
(نشر المقال اول مرة في 19 ايلول 2010 )