اعتبرت صحيفة Foreign Policy الأمريكية، أن تراجع دور واشنطن في الشرق الأوسط، أجبر الصهاينة و العرب على اللجوء إلى روسيا، التي تعتبر اليوم حكماً سياسياً في المنطقة.
وقالت الصحيفة المرموقة في مجال السياسة الخارجية، إنه على الرغم من أن الولايات المتحدة لا تزال المورد الرئيسي للأسلحة إلى الكيان وبنكه العسكري، إلا أن واشنطن الراغبة في الانسحاب من سوريا، وأيضاً من العراق ودول أخرى في المنطقة، لم تعد تملك نفوذها السابق في الشرق الأوسط، لذلك تأخذ روسيا مكانها بتوازن، وتفرض نفسها اليوم حكماً سياسياً في هذه المنطقة الهامة.
وأضافت: للمرة الأولى منذ عام 2014، أسقط الكيان مقاتلة سورية، لكن هذا لا يعني أن الأثنين على استعداد لبدء حرب مع بعضهما البعض.. خاصة وأن الصهاينة ليسوا مهتمين بإشعال نزاع بالقرب من الحدود السورية، لأنهم مشغولون الآن بحل المشاكل في قطاع غزة، والرئيس السوري بشار الأسد لم يتمكن بعد من القضاء تماما على المتمردين الذين يقاتلون قواته منذ سبع سنوات.
ومن المحتمل أن تكون عملية إسقاط الطائرة إشارة إلى الأسد بأنه يجب عليه العودة إلى اتفاقية الهدنة لعام 1974 الخاصة بفصل القوات المسلحة، التي توصلت إليها الكيان وحافظ الأسد بوساطة وزير الخارجية الأمريكي آنذاك هنري كيسنجر.
وأوضحت الصحيفة الأمريكية، أن الصهاينة اليوم غير قلقين جدا من الرئيس بشار الأسد، ولكن من الإيرانيين الذين يستضيفهم، والذين يساعدون، مع الروس وحزب الله، الرئيس السوري في هزيمة المتمردين، لذلك أصر رئيس الوزراء الكيان بنيامين نتنياهو، الذي أصبح ضيفاً دوريا في موسكو، على أن يسعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإخراج الإيرانيين من سوريا، ورداً على ذلك، اقترح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خيار إبقاء الإيرانيين على مسافة أكثر من 60 ميلاً من الحدود السورية الفلسطينية، لكن نتنياهو رفض هذا الاقتراح، واعتبره غير مناسب. ووفقا لكاتب المقال، بلا شك ، فإن روسيا والكيان سيتوصلان إلى اتفاق بهذا الشأن، ولكن التزام إيران به تبقى مسألة أخرى.
في الوقت نفسه ، تشير Foreign Policy إلى أن الولايات المتحدة لم تُظهر وجودها في محاولات الميان لإجبار الإيرانيين على الخروج من سوريا. وعلى غرار دول أخرى في المنطقة، يعترفالصهاينة بأن موسكو هي الحَكَم والمايسترو في الشرق الأوسط حاليا. لكن، من ناحية أخرى، سيعتمد الكيان على الولايات المتحدة في تمويل احتياجاته الدفاعية، وسيكون لواشنطن تأثير كبير على السياسة الصهيونية. ومع ذلك، فإن الرغبة الواضحة للإدارة الأمريكية في الانسحاب من سوريا، وربما أيضاً من العراق ودول أخرى في المنطقة ، أجبرت الصهاينة والعرب على اللجوء إلى روسيا والاعتراف بدورها.
وتخلص Foreign Policy إلى القول، إن الاستنتاج الذي يمكن استخلاصه من حادث إسقاط الطائرة السورية مؤخرا، هو أن الحرب بين الكيان وسورية ليست أمرا لا مفر منه، لأن روسيا تحتفظ بمفاتيح السلام في المنطقة، وهي وحدها يمكن أن تجبر الأسد على الامتثال لشروط اتفاقية الهدنة لعام 1974، وتملك فرصة إقناع طهران بسحب قواتها من قرب الحدود مع مرتفعات الجولان من أجل طمأنة الكيان.
وختمت Foreign Policy مقالها قائلة: " مع أن الولايات المتحدة كانت وما زالت المورد الرئيسي للأسلحة إلى إسرائيل وبنكها العسكري، إلا أنه ومع ذلك، لم يعد لديها النفوذ الذي سمح ذات مرة لـ (كيسنجر) بالتوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وسوريا".