لعله من قبيل الصدف الموحية أن تتزامن هذا العام الذكرى 29 لاستشهاد المفتي الشيخ حسن خالد مع المواجهات الكبرى التي تشهدها فلسطين ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي، والتي أدّت إلى استشهاد العشرات وجرح الالاف على تخوم غزّة...
فمن يعرف مسيرة المفتي الشهيد الحافلة بالمواقف الشجاعة والنبيلة، يدرك حجم تعلقه بالحق الفلسطيني ودفاعه المستمر عن الشعب الفلسطيني في وجه كل المجازر التي تعرّض لها، وصموده الرائع في بيروت أبان الحصار الصهيوني عام 1982، ودوره في حماية اللاجئين الفلسطينيين بعد مجازر صبرا وشاتيلا في أيلول/سبتمبر من ذلك العام.
لقد أطلق الفلسطينيون، قادة وشعباً، بحق المفتي الشهيد لقب مفتي الدفاع عن فلسطين، ووجدوا في دار الفتوى صرحاً يلوذون به في كل الشدائد... وقلعة يحتمون بها من كل المظالم...
ولا أغالي أبداً إذا اعتبرت أن المفتي حسن خالد قد دفع حياته ثمناً لمواقفه السياسية والأخلاقية النبيلة وأبرزها موقفه من فلسطين، قضية وشعباً وثورة، تماماً كما دفع الأمام موسى الصدر وكمال جنبلاط ورشيد كرامي، وقبلهم انطون سعادة، الثمن الباهظ لدورهم في الدفاع عن قضية فلسطين.
وفي كل مرّة كانت الظروف تسمح لي ولرفاقي أن نجتمع مع سماحة المفتي الشهيد في دارته أو في دار الفتوى، كان يسألنا عن أحوال الشعب الفلسطيني وانتفاضة أطفال الحجارة، وظروف العيش في المخيمات، رغم كل ما كان يواجهه لبنان من الآم وانقسامات وحروب، وكان يشير إلى أن اهتمامه بفلسطين نابع من اهتمامه بلبنان ومستقبله، واهتمامه بالأمّة العربية والإسلامية ووحدتها، حيث أن هذا الكيان الصهيوني بمثابة سرطان، برأيه هو، ينخر في جسد الأمّة، ولا شفاء من العديد من أمراضها إلاّ باستئصال هذا المرض الخبيث.

ومع حلول شهر رمضان الفضيل هذا العام، غداة ذكرى استشهاد المفتي الشهيد حسن خالد الذي جمع بين الإيمان الراسخ بالله وبكتبه ورسله، والإيمان بالقضايا العادلة... نكرر ذلك الشعار الصادق البسيط.
«لن ننساك أيها المفتي الشهيد».
معن بشور